مرحباً بك في مجلة العلوم والتكنولوجيا
نقدم لك رحلة فريدة إلى عالم الاكتشافات العلمية والابتكار التكنولوجي

نحن ملتزمون بتقديم محتوى جذاب ومثير يستكشف أحدث اكتشافات العلوم وتطورات التكنولوجيا. من خلال مقالاتنا، نهدف إلى تحفيز شغف التعلم وتوفير منصة لتبادل المعرفة. انضم إلينا في مهمتنا لفك رموز العلوم، واكتشاف عجائب التكنولوجيا، والمساهمة في مستقبل لا حدود له للابتكار.

heroImg



«ڤوكس»: كم سيكلفك جهاز آيفون إذا نقلت آبل مصانعها من الصين إلى أمريكا؟
2018-09-15

ترجمة

غرد ترامب عبر «تويتر» السبت الماضي امتداداً للحرب التجارية المشتعلة بين بلاده والصين محذراً من ارتفاع أسعار أجهزة «آبل» وداعياً الشركة لبناء مصانعها في الولايات المتحدة، وقد جاء ذلك رداً على إعلان الشركة تخوفها من أن التعريفة الجمركية الجديدة التي سيفرضها البيت الأبيض على السلع الصينية، والتي قد تصل إلى 200 مليار دولار، ستضر بأعمالها.

تحاول إيميلي ستيوارت في تقرير لها على موقع «ڤوكس» الإخباري دراسة النتائج التي يمكن أن تسفر عنها تلبية شركة آبل دعوة الرئيس ترامب لنقل صناعتها الضخمة إلى الولايات المتحدة.

آبل في خضم النزاع التجاري بين أمريكا والصين
تقول إيميلي في بداية حديثها: «إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لو فاز في معركته مع آبل، وبدأت شركة التكنولوجيا العملاقة في تصنيع آيفون في الولايات المتحدة، فلن تكون تلك فكرةً سديدةً».

وترى إيميلي أنه من المغري التعامل مع تغريدة ترامب على أنها مجرد امتدادٍ لخطابه الشعبوي، لكنه في رأيها يصطدم واقعياً في تساؤل مثير للاهتمام، ألا وهو: هل ينبغي على أبل أن تصنع «آيفون» ومنتجات أخرى في أمريكا؟

يرى المحللون أن تجميع آيفون في أمريكا لن يرفع تكلفته كثيراً إذا نجحت آبل في نقل وظائف التصنيع إلى الولايات المتحدة -كما ينقل التقرير– فكما كتب قسطنطين كاكايس في مراجعة تقنية له في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) عام 2016، فإن تجميع آيفون في الولايات المتحدة من أجزاء صنعت في الخارج لن يرفع تكلفة الجهاز الواحد لأكثر من 30 إلى 40 دولاراً، وهي زيادة متواضعة لجهازٍ يصل هامش الربح فيه إلى 64%، وقد انتهى كاكايس في دراسته إلى أنه حتى لو صنعت كل أجزاء آيفون في الولايات المتحدة؛ فستزيد تكلفته بحوالي 100 دولار فقط، هذا بافتراض أن المواد الخام لا تزال تُشترى من الأسواق العالمية.

لا تكمن المشكلة إذاً –كما يرصدها التقرير– في تكلفة تجميع جهاز آيفون، ولا حتى في تكلفة كل جزء على حدة، لكن الأمر يتعلق بالمهارة والحجم والخبرة والبنية التحتية، وهي أمور تتطلب جميعاً المال والوقت والاستثمار طويل الأجل، فعلى عكس وظائف التصنيع الأخرى التي غادرت الولايات المتحدة، لن تعيد آبل مصانعها بقدر ما ستبدأ من الصفر؛ فستأتي التكلفة من محاولة بناء نظامٍ لم يكن موجوداً من قبل في الولايات المتحدة، ولكن تم بناؤه على مدار عقودٍ في الخارج.

وترى إيميلي أنه حتى إذا تسنى لآبل بطريقة ما نقل العملية برمتها إلى الولايات المتحدة بتكلفة ضخمة، فربما لن يعود ذلك بكثيرٍ من النفع بحسابات التجارة العالمية؛ فالصين لا تحصل إلا على 8 دولارات لكل جهاز، لذلك لم يكن من الذكاء وضع آبل وسلسلة إمداداتها في خضم النزاع التجاري بين أمريكا والصين.

وينقل التقرير عن وين لام المحلل الرئيس في شركة IHS Markit للمعلومات والتحليلات قوله: «من الجيد دائماً أن يبدو الرئيس حازماً فيما يتعلق بأمور التجارة وأن يصدر سياساتٍ للحماية الاقتصادية، كل ما في الأمر أننا لا نملك مطلقاً الحجم الكافي من القوى العاملة، ولا مجموعة المهارات التي تخول لنا أن نكون جيدين في تصنيع الإلكترونيات الاستهلاكية».

وفي تغريدته على تويتر يقول ترامب: «قد تزداد أسعار آبل نظراً للتعريفات الجمركية الضخمة التي قد نفرضها على الصين، لكن هناك حلاً سهلاً ستكون فيه تكلفة الضرائب صفراً، وهو في الواقع حافز ضريبي: اصنع منتجاتك في الولايات المتحدة بدلاً عن الصين، ابدأ الآن في بناء مصانع جديدة!».


لا يتعلق الأمر بانخفاض التكلفة في الصين وحسب!
ترى الكاتبة أنه من المغري أن نفترض أن التكلفة هي السبب وراء تجميع آبل هواتفها في الصين، فالحد الأدنى للأجور هناك هو جزء بسيط مما هو عليه في الولايات المتحدة، لكن هذا لا يفسر لماذا لا تتجه شركة آبل إلى مكان أرخص، تتساءل إيميلي: لماذا لا تُصنع أجهزة آيفون في نيكاراجوا –على سبيل المثال– حيث تكون العمالة أقل تكلفة؟ مجيبة: يتمثل الجواب في المهارة.

قال تيم كوك –الرئيس التنفيذي لشركة آبل– العام الماضي إنه يحتاج إلى مزيجٍ نادر من مهارة المحترفين، والروبوتات المتطورة وعلوم الحاسب، وهذا المزيج هو النظام الذي تم بناؤه بمرور الوقت في دول، مثل الصين التي قامت بالاستثمار فيه.

ويضيف كوك: «هناك خلط متعلق بالصين، فالمفهوم الشائع هو أن الشركات تأتي إلى الصين لانخفاض تكلفة العمالة فيها، أنا لست متأكداً إلى أي المناطق يذهبون هناك، لكن الحقيقة هي أن الصين توقفت عن كونها الدولة ذات اليد العاملة منخفضة التكلفة منذ عدة سنوات، كما أن هذا ليس سبب القدوم إلى الصين من وجهة نظر الموردين، لكن السبب يكمن في المهارة ونوعها وتوافرها في موقع واحد».

وينقل التقرير أن شركة آبل تتعاقد مع شركات مختلفة لتصنيع أجزاء آيفون المختلفة مثل الشريحة أو الشاشة، ثم تتعاقد مع شركات أخرى مثل فوكسكون وجيبل التي تقع مقراتها الرئيسة في تايوان وفلوريدا على التوالي، والتي تقوم بجمع تلك الأجزاء لبناء الجهاز، وتقول الشركة إنها أنفقت 50 مليار دولار في العام الماضي على حوالي 9 آلاف من الموردين والمصنعين الأمريكيين؛ ما يعني أن بعض الأجزاء تأتي من أمريكا بالفعل، قال كوك لمحطة إم إس إن بي سي الأمريكية في مارس (آذار) الماضي: «لطالما صنعنا أجزاءً هنا، لكن الناس ينظرون فقط إلى حيث يتم تجميع المنتج النهائي».

يقول جريج ليندن، الباحث في معهد ابتكار الأعمال في بريكلي والخبير في سلاسل القيمة العالمية كما ينقل التقرير: «إن محاولة صنع الشاشة في الولايات المتحدة، بدلاً عن اليابان أو كوريا الجنوبية على سبيل المثال، قد تكون هدفاً مغرياً لدعم مزيدٍ من الإنتاج في أمريكا؛ لأنها المكون الأغلى في آيفون، ومع ذلك سيكون على آبل إقناع مورديها بفصل عمالها في آسيا، وتوسيع عملياتها في الولايات المتحدة».


«صنع في أمريكا».. ماذا يعني ذلك؟
تقول الكاتبة: عندما نقول «صنع في أمريكا» قد يعني ذلك العديد من الأشياء؛ قد يعني تجميع الأجزاء التي تم جلبها من أماكن أخرى في الخارج، أو قد يعني صنع بعض الأجزاء وتجميعها هنا، أو قد يعني – وهو الأصعب – أن تكون الولايات المتحدة هي مصدر كل المكونات والمواد.

وترى أن الخيار الأسهل بالنسبة لآبل حتى تدعي أنها تصنع أجهزة آيفون في الولايات المتحدة، هو الخيار الأول، حيث تجلب القطع من الخارج وتقوم بتجميعها هنا.

وتعود الكاتبة من جديد إلى ما توصل إليه كاكايس من أن مجرد تجميع أجهزة آيفون في الولايات المتحدة سيرفع تكلفتها، فمعظم الأجهزة التي يتم تجميعها في الصين أو في البرازيل في بعض الأحيان، لو تم تجميعها في الولايات المتحدة بدلاً عن ذلك، فسيرفع ذلك تكلفتها من 10 دولارات إلى 40 دولاراً على أقل تقدير، وذلك لتكلفة العمالة، بالإضافة إلى المصروفات الإضافية في النقل واللوجيستيات التي سيتطلبها شحن الأجزاء من أماكن أخرى إلى الولايات المتحدة.

وبحسب التقرير فقد قدرت IHS Markit، شركة التحليلات والمعلومات التي تقوم بتفكيك كل جهاز آيفون لتحديد تكلفة مكوناته، أن تكلفة تصنيع جهاز آيفون 8 بلس (iPhone 8 plus) تصل إلى 8 دولارات، وهو سعر التجميع بما في ذلك الآلات والأيدي العاملة، وحسب تقدير الشركة فإن نقل التجميع إلى الولايات المتحدة سيضاعف تكلفة تصنيع الجهاز على أقل تقدير، ولا يشمل ذلك التكاليف العامة، أو التكاليف الإضافية التي يفرضها هؤلاء المصنعون على شركة آبل في نهاية الأمر، أو ما تُحمّله الشركة للمستهلكين.

أما جهاز آيفون الذي تم تجميعه في أمريكا من أجزاء مصنوعة في أمريكا، فستصل الزيادة في تكلفته إلى 100 دولار كما وجد كاكايس.

وترى الكاتبة أن شركة آبل تستطيع أن تتحمل بعض هذه التكاليف – من الناحية النظرية – فقد قدرت شركة IHS تكلفة مواد آيفون إكس iPhone X بنحو 370.50 دولاراً، بينما يباع الهاتف في المقابل بحوالي 1000 دولارٍ، كما يمكن أن تُحمل الشركة المستهلكين الزيادة في تكلفة الجهاز.


لن ينجح الأمر بدون محفزات
ترى الكاتبة أن الحكومة قد تحتاج إلى محفزات سخية ليتسنى لها تحقيق أي من ذلك، فقد تعهدت شركة تصنيع الإلكترونيات التيوانية فوكسكون بتخصيص 10 مليارات دولار لبناء مصنع في ولاية ويسكونسن، وتمنح الدولة الشركة 4 مليارات دولار حوافزاً مقابل ذلك.

ويقول ليندن عن ذلك: «يستغرق الأمر بضع سنوات لبناء وتشغيل مصنع للشاشات أو للشرائح، لذا فإن التزام أحد الطرفين باستثمار يصل لعدة مليارات من الدولارات يتطلب يقيناً من أن هذه المنتجات سيكون لها سوق محليّ عندما يبدأ المصنع في العمل، لذا يبدو من المنطقي أكثر البدء بتجميع الهواتف هنا أولاً، ثم يأتي أمر المكونات في وقت لاحقٍ».

وفي محاولة لاستقراء النتائج المترتبة على نقل آبل مصانعها إلى الولايات المتحدة تستدعي الكاتبة تجارب مشابهة حدثت في الماضي، فتعود بنا إلى عام 2013 حيث أعلنت شركة موتورولا أن جهاز موتو إكس (Moto X) سيتم «تصميمه وتصنيعه وتجميعه» في الولايات المتحدة وتحديداً في ولاية تكساس، عندها كان يتم تجميع الجهاز في أمريكا بعد استيراد أجزائه من الصين وأماكن أخرى، وقد ارتفعت حينها تكلفة الجهاز ببضع نقاط مئوية عما كان سيتكلفه لو تم تجميع أجزائه في آسيا، ثم أغلق مصنع تكساس في العام التالي 2014».

وقد كان لجوجل تجربة مشابهة مع مشغل الوسائط Nexus Q، ولم ينجح ذلك أيضاً، ويقول عن هاتين التجربتين وين لام من شركة IHS: «توصلت هاتان التجربتان إلى نتيجة واحدة مفادها أن التصنيع في الصين هو الخيار الأكثر قابلية للتطبيق اقتصادياً».

صنع آيفون في أمريكا فكرة سيئة.. لماذا؟
كثيراً ما يشكو ترامب من العجز التجاري بين الولايات المتحدة والصين والذي بلغ 375 مليار دولار في عام 2017، وتساهم أجهزة الكمبيوتر والإلكترونيات بجزء كبير من هذا المبلغ، وفي هذا السياق ينصب تركيز الرئيس على وظائف التصنيع، لكن هذه الرؤية الضيقة تفوتها بعض النقاط المهمة، خصوصاً فيما يتعلق بشركة آبل، كما ترى الكاتبة.

كما ترى أن تصدير آيفون يبدو بمثابة خسارة كبيرة للولايات المتحدة، فحسب أحد التقديرات ساهمت واردات آيفون 7 وآيفون 7 بلس بمبلغ 15.7 مليار دولار تمثل 4.4% من العجز التجاري لعام 2017 مع الصين، والحساب أكثر تعقيداً.

وفي محاولة لتفسير الأمر تقول الكاتبة: «إن الصين لا تحصل على ذلك القدر الكبير من المال من وراء جهاز آيفون، على الأقل مقارنة بالتكلفة الكلية للجهاز؛ فقد قدر كل من ليندن وجيسون ديدريك أستاذ الدراسات المعلوماتية بجامعة سيراكيوز، وكينث كريمر أستاذ أبحاث الأعمل في جامعة كاليفورنيا-إيرفين، في وقت سابق من هذا العام أن الصين تربح فقط 8.46 دولار من كل جهاز آيفون تتم صناعته».

ويمثل هذا المبلغ جزءاً زهيداً من تكلفة المصنع التي تصل إلى 240 دولار عن الجهاز الواحد، وهي التكلفة التي تسجلها الحكومة عندما يدخل الجهاز من الصين إلى الولايات المتحدة، بعبارة أخرى يساهم كل جهاز بـ240 دولاراً في العجز بين البلدين، وهو مبلغ مختلف عما قدره الباحثون بأقل من 9 دولارات.

وقد كتب الباحثون كما نقل التقرير: «لا يعكس ذلك الرقم ما تحصل عليه الصين فعلياً من صادراتها من أجهزة آيفون، أو من عديد السلع الإلكترونية التابعة لآبل عند شحنها للولايات المتحدة أو لأي مكان آخر، فبفضل سلاسل التوريد التي تمتد عبر العالم والتي تمر بالصين، فإن العجز التجاري في الاقتصاد الحديث لا يكون دائماً ما يبدو عليه».

وقد حذرت شركة آبل من أن بعض منتجاتها باستثناء آيفون، ستتأثر إذا فرض ترامب تعريفة جمركية إضافية على المنتجات الصينية بقيمة 200 مليار دولار، وقالت الشركة إنها ستؤدي إلى رفع أسعار منتجات كساعة آبل وسماعاتها اللاسلكية «آير بود»، وتفيد تقارير بأن إدارة ترامب أكدت لتيم كوك أن هواتف آيفون لن تتأثر بتلك التعريفات.

ويرى بعض الخبراء –كما ينقل التقرير– أن التركيز الضيق لترامب على وظائف التصنيع يتجاهل الوظائف الأخرى التي تنشئها آبل في الولايات المتحدة، وخاصة تلك التي تنخرط فيها الطبقة الوسطى.

في عام 2011 درس ليندن وديدرك وكريمر جهاز آيبود الذي تم إنتاجه إلى حد كبير في الخارج، ووجدوا أنه في عام 2006 كانت الوظائف التي وفرها الآيبود في الخارج تقريباً ضعف تلك التي وفرها في الولايات المتحدة، لكن على الجانب الآخر كان مجموع الأجور المدفوعة للعاملين الأمريكيين يساوي ضعف ما دُفع للأجانب؛ وذلك نظراً لأن شركة آبل تحتفظ بمعظم أبحاثها وتطويرها والدعم الفني التابع لها في الولايات المتحدة؛ فهي قادرة على توفير الآلاف من الوظائف المهنية والهندسية عالية الأجر.

وفي ختام تقريرها تقول إيميلي: «خلاصة القول هي أن الصين والدول الآسيوية الأخرى، باتت تمثل مركزاً لتصنيع الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، وبقدر ما يحاول ترامب وغيره من السياسيين الإصرار على أن تجلب شركات التكنولوجيا بما فيها آبل مزيداً من الإنتاج إلى الولايات المتحدة، فإن إجراء التعديلات على النظام الحالي لن يكون ببساطة بناء مصنع».



المصدر: ساسة بوست



 

   
   
2020-11-29  
الوسوم: جوال - ايفون - الصين
 
 لا يوجد تعليقات    
 
 
الاسم
البريد الالكتروني
التعليق
500حرف