القراءة أم الشاشات؟ دراسة جديدة تكشف تأثير كل منهما على أدمغة الأطفال
2025-05-01

ترجمة

 

في زمنٍ أصبحت فيه الشاشات جزءاً لا يتجزأ من حياة الأطفال اليومية، عادت الأبحاث العلمية لتؤكد مجدداً على أهمية الوسائل التقليدية في تنمية عقول الصغار. فقد كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Developmental Science الأمريكية أن قراءة الكتب للأطفال تُحدث نشاطاً دماغياً مميزاً يختلف جذرياً عن ذاك الذي يُحدثه عرض القصص عبر الشاشات.

 

الدماغ يتفاعل مع الورق أكثر من الضوء

أجريت الدراسة على 28 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 6 سنوات، وهي مرحلة حرجة في نمو الدماغ والقدرات اللغوية. تم تعريض كل طفل لتجربتين: الأولى عبارة عن جلسة قراءة مباشرة لكتاب ورقي من قِبل أحد الباحثين، والثانية مشاهدة نفس القصة عبر شاشة حاسوب بصيغة عرض رقمي مع تسجيل صوتي. وقد تم الحرص على تطابق القصتين من حيث الطول والمفردات والمحتوى.

وباستخدام تقنية التحليل الطيفي الضوئي القريب من الأشعة تحت الحمراء (fNIRS)، تم قياس التغيرات في أكسجة الدم في مناطق محددة من الدماغ خلال التجربتين. النتيجة؟ عند القراءة التفاعلية، نشطت بقوة منطقة تُعرف باسم الوصلة الصدغية الجدارية اليمنى، وهي منطقة ترتبط بالانتباه المشترك وفهم النوايا والمشاعر، وهي قدرات أساسية في التواصل الاجتماعي.

في المقابل، لم تُظهر تجربة المشاهدة عبر الشاشة النشاط نفسه، بل كان التفاعل الدماغي موزعاً على نصفي الكرة المخية بشكل متماثل، ودون إشارات تُشير إلى مشاركة اجتماعية نشطة.

 

القراءة تبني اللغة والوجدان

علّقت الباحثة الرئيسية في الدراسة، سارة هاتون، قائلة: "تشجّع القراءة التفاعلية الأطفال على التركيز على مشاعر وانتباه القارئ، مما يُنمّي لديهم الفهم الاجتماعي والتواصل العاطفي." وهو أمر لا يمكن تعويضه بسهولة عبر الوسائط الرقمية.

وقد بيّن الباحثون أن التفاعل البشري المباشر أثناء القراءة – مثل تعابير الوجه، ونبرة الصوت، والتفاعل اللفظي – يلعب دوراً محورياً في تفعيل مناطق متخصصة في الدماغ، مما يعزز مهارات اللغة، والخيال، وتطوّر المهارات العاطفية والاجتماعية.

 

دعوة لتقنين الشاشات وتعزيز القراءة

بناءً على هذه النتائج، يدعو الخبراء أولياء الأمور والمربّين إلى تقليل الوقت الذي يقضيه الأطفال في مشاهدة الوسائط الرقمية السلبية، والتركيز بدلاً من ذلك على القراءة اليومية التفاعلية، حتى لو لبضع دقائق فقط. فالقراءة ليست وسيلة تعليم فحسب، بل هي وسيلة لبناء إنسان أكثر وعياً وتفهّماً للآخر.

 

نحو جيل يقرأ ويفهم

في ظل الثورة الرقمية المتسارعة، قد يبدو من المغري الاعتماد على الأجهزة الذكية لتسلية الأطفال وتعليمهم. لكن العلم لا يزال يؤكد أن التواصل البشري والقراءة الورقية يحملان قيمة لا تُقدّر بثمن. لذا، فإن الاستثمار في وقت بسيط تقضيه مع الطفل وبين يديه كتاب، قد يكون أكثر تأثيراً من ألف تطبيق على الجهاز اللوحي.

 

 

   
   
 


1 عدد التعليقات
أبو مازن 2025-05-01 01:05 PM
المشكلة الأجهزة صارت جزء من الحياة لا يمكن الاستغناء عنه مع تطور التكنولوجيا. الله المستعان

الاسم:
البريد الالكتروني:
التعليق:
500حرف