في خطوة طبية غير مسبوقة، أعلنت المملكة المتحدة موافقتها الرسمية على بدء استخدام عقار "نيفولوماب" الجديد على هيئة حقن، والذي وُصف في الأوساط الطبية بـ"الحقنة الخارقة"، نظراً لقدرته الاستثنائية على مكافحة مجموعة واسعة من أنواع السرطان، تصل إلى 15 نوعاً مختلفاً، من بينها سرطانات الجلد والمثانة والمري والرأس والعنق والرئة والبروستات والقولون ولمفوما هودجكين.
وينتمي نيفولوماب "Nivolumab" والذي يتم تسويقه تحت الإسم التجاري "Opdivo" إلى فئة العلاجات المناعية الحديثة، التي لا تهاجم الورم مباشرة، بل تعمل على تحفيز جهاز المناعة لدى المريض ليتمكن من التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها وتدميرها بفاعلية أكبر. وقد اعتبر الخبراء هذا التطور قفزة نوعية في مجال علاج الأورام، لما يوفره من خيارات علاجية أكثر راحة وفعالية.
صدرت النسخة الأولى منه والتي تُعطى عبر الوريد بالعام 2014، لكن النسخة الجديدة من العقار تتميّز بكونها تُحقن تحت الجلد خلال خمس دقائق فقط، مرة كل أسبوعين أو شهر، ما يمثل بديلاً ثورياً عن الشكل التقليدي للعلاج نفسه الذي كان يُعطى عبر التنقيط الوريدي، ويستغرق ما يقرب من ساعة كاملة في كل جلسة علاجية.
مدة العلاج تستمر حتى ظهور تحسن سريري أو ظهور أعراض جانبية تمنع الاستمرار، في بعض الحالات تمتد الفترة من 6 أشهر إلى سنتين حسب استجابة الجسم ونوع الورم.
الجرعة الشائعة هي 240 ملغ كل أسبوعين، أو 480 ملغ كل 4 أسابيع عن طريق الحقن الوريدي أو تحت الجلد. يبلغ وسطي سعر الجرعة 2000 دولار، ويختلف هذا السعر حسب الدولة والجرعة وطريقة الإعطاء، سواء كانت عن طريق الحقن الوريدي أو تحت الجلد.
وفي هذا السياق، صرّح البروفيسور بيتر جونسون، المدير الوطني لبرامج السرطان في هيئة الخدمات الصحية البريطانية (NHS)، قائلاً: "العلاج المناعي يمثل نقلة نوعية لعدد كبير من مرضى السرطان، ونحن سعداء بتمكّننا من توفير نسخة أكثر بساطة وسرعة من عقار نيفولوماب. فبدلاً من قضاء ساعة في تلقي العلاج، سيتمكن المرضى الآن من إتمامه في دقائق معدودة، وهو ما سيحدث فرقاً كبيراً في جودة حياتهم".
ومن المقرر أن تبدأ الهيئة الصحية البريطانية في استقبال أول شحنة من هذه الحقن، لتُستخدم في علاج أكثر من 1000 مريض شهرياً، ما سيُسهم في تقليل الضغط على وحدات العلاج الكيميائي وتخفيف العبء على الطواقم الطبية والمرضى على حد سواء.
من جهتها، أكدت وزيرة الصحة العامة والوقاية، آشلي دالتون، أهمية هذه الخطوة قائلة: "تسريع وتسهيل علاج السرطان يُجسّد التزام بريطانيا الراسخ بالاستفادة من أحدث العلاجات والتقنيات الطبية لمساعدة المواطنين في مواجهة أخطر الأمراض. ومن المبهج أن يكون مرضى السرطان في إنجلترا من أوائل المستفيدين من هذا الابتكار في أوروبا".
ويمثل هذا القرار بارقة أمل جديدة لآلاف المرضى الذين يكافحون السرطان، كما يعزز من مكانة بريطانيا كمركز ريادي في تبنّي أحدث ما توصل إليه الطب الحديث في مجال الأورام.