مرحباً بك في مجلة العلوم والتكنولوجيا
نقدم لك رحلة فريدة إلى عالم الاكتشافات العلمية والابتكار التكنولوجي

نحن ملتزمون بتقديم محتوى جذاب ومثير يستكشف أحدث اكتشافات العلوم وتطورات التكنولوجيا. من خلال مقالاتنا، نهدف إلى تحفيز شغف التعلم وتوفير منصة لتبادل المعرفة. انضم إلينا في مهمتنا لفك رموز العلوم، واكتشاف عجائب التكنولوجيا، والمساهمة في مستقبل لا حدود له للابتكار.

heroImg



العدم- مناقشة علمية وفلسفية
2017-07-08

ترجمة

لقد كانت هناك ضجة كبيرة عندما اجتمع مجموعة من الفيزيائيين والمفكرين في مناقشة حول مفهوم العدم، في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي.

الفكرة المبسطة للعدم يمكن للأطفال فهمها بسهولة، بينما يواجه العلماء صعوبة مفاجئة لدراسته، حتى وصل الأمر إلى أن بعضهم يتساءل عن ما إذا كان العدم موجوداً من الأساس.

الفكرة الأولى والمبدئية للعدم هي أنّه عبارة عن مساحة خالية لا تحتوي على أي شيء، ولكن تلك الفكرة لم تثبت جدارتها في تعريف العدم، حيث أن في داخل حدود الكون حتى المساحات المظلمة والفارغة من كل الجزيئات تعتبر شيئاً ما.

«لديها بنية وشكل، إنها شيء ملموس» كانت تلك كلمات الفيلسوف (جيم هولت – Jim Holy) خلال نقاش (اسحاق أسيموف – Isaac Asimov) السنوي التذكاري بالمتحف، والذي كان يسلط الضوء حول موضوع بعنوان «وجود العدم».

كما أن رئيس جلسة النقاش (نيل ديجراس تايسون – Neil deGrasse Tyson) قال: « إذا كانت قوانين الفيزياء لا تزال سارية، فقوانين الفيزياء ليست عدماً»


التعمق في العدم
ذكر عالم الفيزياء النظرية (لورانس كراوس – Lawrence Krauss) نوعاً متعمقاً من العدم ويتألف من لا مكان ولا زمان ولا جزيئات ولا مساحات ولا تنطبق عليه قوانين الطبيعة على الإطلاق.

قال كراوس: «بالنسبة لي، هذه هي أقرب صورة للعدم يمكن تخيلها.»

رفض هولت تلك الفكرة، وتساءل: «هل هذا حقاً العدم؟ لا يوجد أي مكان ولا زمان، ولكن ماذا عن القوانين الفيزيائية والرياضية؟ ماذا عن الوعي؟ كل الأشياء اللامكانية واللازمانية»

عرض العديد من العلماء أفكار مختلفة حول مبدأ العدم، مثل المفهوم الرياضي للعدم الذي عرضه الصحفي العلمي (تشارلز سيف – Charles Seife) صاحب كتاب «صفر: السيرة الشخصية لقصة خطيرة!» فقد طرح فكرته بمجموعة من الأرقام التي تتضمن فقط الرقم صفر، ثم حذف تشارلز الصفر تاركاً المجموعة فارغة أو كما نطلق عليها حالياً (المجموعة الخالية – Null Set)، وعلّق تشارلز: «يكاد يكون هذا عدم أفلاطوني»

أقترحت عالمة الفيزياء النظرية (إيفا سيلفرشتاين – Eva Silverstein) من جامعة ستانفورد مفهوم تقني حديث للعدم بناءً على نظرية (الحقل الكمي – Quantum Field) التي تتضمن نظام كمي يفتقر إلى الأبعاد، وقد قالت: «الحالة الثابتة لنظام كمي ضخم هو إجابتي عندما يتعلق الموضوع بالعدم»

لكن هولت اقترح فكرة أخرى للعدم، حيث قال:

«إنّ التعريف الوحيد المقنع للعدم بالنسبة لي هو تعريف الفيزيائي (أليكس فيلنكين – Alex Vilenkin) بجامعة (تافتس – Tufts) عندما قال: «تخيل سطح كرة ما، إنها مساحة محدودة ولكن بدون حدود ملموسة، ثم تخيلها تتقلص حجماً» سوف ينتج عن هذا نقطة من (الزمكان – Space-Time) بنصف قطر يساوي صفر»


ومع ذلك، لم يقتنع هولت اقتناعاً تاماً بذلك التعريف أيضاً، وظل على موقفه مقتنعاً أنّه لا يمكن أن يكون للعدم وجود، واستطرد هولت: «يقول الفلاسفة التحليليون أن كلمة العدم (Nothing) تصنف كأسم معرّف في القاموس، قد يبدو أنّه اسم لشيء ما، ولكن حقيقة الأمر أن كلمة العدم تعني فقط لا شيء، ما هو المميز حول اللاشيء أو العدم؟ إنها ليست نظرية فلسفية مثمرة»

ولكن كراوس أبدى اعتراضه على هذا الرأي قائلاً: «فقط لأنه من الصعب تخيل العدم لا يعني أنه شيء غير حقيقي، هناك العديد من الأشياء في العلوم لا يمكنك أن تحكمها حدسياً، ولكن لا يعني ذلك عدم وجودها»

تلك الصعوبة في فهم العدم ترجع إلى زمن قديم، فلم يحظ اليونانيون القدماء بمفهوم «الصفر» وكرهوا تلك الفكرة جدًأ حتى أنهم رفضوا أن يضموا الرقم صفر إلى نظام الأعداد الخاص بهم، على الرغم من تطلب حساباتهم الفلكية إلى ذلك الرقم.

«نحن البشر لدينا اشمئزاز ورفض رهيب للعدم وللفراغ؛ فيمثل العدم لدينا شيئاً نخاف منه بشدّة، خلل أو اختراق للقواعد» هكذا وضح تشارلز موقفه تجاه المناقشة بشكل عام.

على أية حال، قد يكون تعريف العدم هدفاً دائم الحركة؛ فمع كل تقدم تكنولوجي أو ثورة علمية تظهر رؤى جديدة لترينا أن ما ظننا أن يكون عدماً هو في الحقيقة شيءٌ موجود.

وكما قال تايسون في حديثه: «ربما لن تحل معضلة العدم أبداً»

 

المصدر: أنا أصدق العلم

 

تنويه: يرغب موقع مجلة العلوم والتكنولوجيا بالتنويه بأن هذا المقال من منظور علمي وفلسفي فقط ولا يوجد أي منظور ديني حسب المصدر الذي تم النقل منه, لكن ما ورد في هذه المقال لا يتافى مع أي تفسير ديني لخلق الكون. فالله الخالق لديه قدرات لا يحيط بها إدراك البشر ولا تصورهم لها.

فالله الخالق يملك كل القوانين وكل ما في هذا الكون, وأي عيب منظور فهو بسبب قدرات الإنسان المحدودة في الفهم ووجود حدود لإدراكه.

 

 

 

 

   
   
2018-03-14  
 
 لا يوجد تعليقات    
 
 
الاسم
البريد الالكتروني
التعليق
500حرف