مرحباً بك في مجلة العلوم والتكنولوجيا
نقدم لك رحلة فريدة إلى عالم الاكتشافات العلمية والابتكار التكنولوجي

نحن ملتزمون بتقديم محتوى جذاب ومثير يستكشف أحدث اكتشافات العلوم وتطورات التكنولوجيا. من خلال مقالاتنا، نهدف إلى تحفيز شغف التعلم وتوفير منصة لتبادل المعرفة. انضم إلينا في مهمتنا لفك رموز العلوم، واكتشاف عجائب التكنولوجيا، والمساهمة في مستقبل لا حدود له للابتكار.

heroImg



حضارة بابل القديمة
2017-09-19

ترجمة

تقع مدينة بابل التي ورد ذكرها في القرأن الكريم (وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) على بعد 90 كيلو متراً جنوب بغداد. وقد كانت في يوم من الأيام عاصمة المملكة البابلية. إن بابل هي أشهر الأماكن الأثرية في العراق كلها. ‏

برزت مدينة بابل لأول مرة في عهد الملك حمورابي ووصلت إلى ذروة تألقها في ظل حكم الملك نبوخذ نصر الثاني (650 ق.م). وتشتهر مدينة بابل بجدرانها العالية الحصينة وفخامة معابدها وقصورها. ‏ ‏ كما تشتهر بابل بحدائقها المعلقة، إحدى عجائب الدنيا السبع، التي بناها الملك نبوخذ نصر لزوجته أميتاس. ويقال إن أميتاس كانت تقطن منطقة جبلية فأمر الملك ببناء الحدائق المعلقة ليخفف عنها الشعور بالغربة والحنين إلى الوطن. ‏ ‏ إلا أن بابل قد لحق بها الدمار والخراب حتى أنه لم يتبق من أمجادها السابقة سوى تمثال الأسد الحجري الكبير بنقوشه العظيمة.
عثر فيها على المخطوطات البابلية, وعلى برج بابل الذي بني على شكل هرم وفي قمته تم بناء معبد مكسي بالذهب, وكذلك اسوار مدينة بابل العظيمة التي تتوسطها بوابة عشتار. والبابليين رسموا كثيراً من الرسوم الفلكية وعرفوا خمسة كواكب وقسموا الدائرة الى 360 درجة.

تسمية بابل
تعود تسمية مدينة بابل بـ (Babylon) إلى اللغة الأكّادية، فهي مُشتَقة من (bav-il) أو (bav-ilim) وتعني بوابة الإله أو الآلهة.

الدولة البابلية القديمة (حكم العموريين)

ترقى أقدم آثار الاستيطان البشري في بابل إلى الألف الثالث قبل الميلاد، حيث عاش السومريون هناك في قرية صغيرة تحولت مع الزمن إلى مدينة، وقد بنى فيها الملك الأكدي شركالي شري (2223-2198ق.م) معبداً للإلهة عشتار، وبقيت مدينة مغمورة في عصر سلالة أور الثالثة، غير أنها أخذت بالتحول إلى مدينة ذات مكانة مهمة مع وصول القبائل البدوية الأمورية إلى بلاد الرافدين في موجاتٍ قادمة من جهة الغرب (بادية الشام) في بدايات الألف الثاني قبل الميلاد وتأسيسها سلالات حاكمة في كثير من المدن مثل «لارسا» و«أشنونة» و«إيسن» و«بابل» التي أسس فيها الأمير الأموري سَموآبو (1894-1881ق.م) Sumuabum مملكة قوية توالى على حكمها أولاده وأحفاده من بعده هي "المملكة البابلية القديمة".

بلغ عدد ملوك سلالة بابل والتي تعرف بـ(السلالة الآمورية) أحد عشر ملكاً ، حكموا ثلاثة قرون, وكان من أشهر ملوكهم سادسهم حمورابي.

حمورابي (1792-1750ق.م)

عرف عصر حمورابي بالعصر الذهبي والذي لم يشهد له مثيل في تاريخ بابل الطويل . حيث نجح حمورابي في فرض وحدة الرافدين فبدأ بلارسا فأشنونة ثم ماري وأخيرا أشور ولكنه لم يكتفي بذلك بل عمل على توحيد الوحدة التشريعية القانونية حيث أتصف نظام حكمه بالحكم المطلق الذي يتوخى العدالة في ظل قانون ( أنا حمورابي الأمير الأعلى, عابد الألهة, لكي أنشر العدالة في العالم, وأقضي على الأشرار الأثمين, وأمنع الأقوياء أن يظلموا الضعفاء, وأنشر النور في الأرض, وأرعى مصالح الخلق ) والذي سار على نهجه جميع ملوك بابل تقريباً.

شرائــــــــع حمورابي
قد أصدر عدد هائل من الشرائع التي سميت بأسمه وبلغت 252 مادة نقشت على مسلة من حجر الدويريت الأسود وفي أعلاها نحت يمثل الملك البابلي يتلقى السلطة الملكية والشريعة من الإله الشمس(شمش), وهي مسلة حمورابي الشهيرة الموجودة الأن بمتحف اللوفر في باريس . ومن أحد مواده المادة 229 التي تقول (اذا بنى مهندساً بيتاً لأحد الأشخاص , ولم يكن بناؤه متينا فأنهار البيت , وسبب قتل من فيه يعاقب المهندس بالموت) وهناك عقوبات رادعة أعتمدت مبدأ ((العين بالعين والسن وبالسن)) منها اذا كسر أنسان لرجل شريف سنا او فقأ له عينه أو أي شيء اخر حل به نفس الأذى الذي سببه له, وعلى الرغم من أن شريعة حمورابي كانت قاسية في العقوبات ولكنها بقيت مدة خمسة عشر قرنا كاملة محتفظة بجوهرها .
المجتمع البابلي في عهد حمورابي كان مكون من ثلاث طبقات :
* الطبقة الراقية ((الأستقراطية)): والتي عرفت بأسم لاميلو الذين لهم سيادة المجتمع
* الطبقة العامة ((الموشكينو)): أي المساكين هم الأفراد الفقراء من الأحرار الذين عملوا بجميع المهن ولكنهم أفتقروا لكل الحقوق التي كانت تمتع بها الطبقة الأرستقراطية .
* طبقة الرقيق ((واردوم)): وهم الذين ولدو بالرق وأسرى الحرب فكانت لهم بعض الحقوق فقد كان بأمكانهم التملك وأدارة بعض الأعمال الخاصة بهم وأقتراض المال وحتى أنهم كانوا يستطيعون شراء أنفسهم وكأن بأماكن النساء الحرائر التملك ولهن حقوق شرعية أخرى وقد عرف أن الأباء عادة هم من يختارون الأزواج لبناتهم.

 

الحكم الكيشي
وبقيت مملكة بابل هذه قائمة حتى عام 1595ق.م حين سقطت بيد الحثيين الذين انسحبوا منها بعد نهبها واستولى على السلطة جماعات هندية ـ أوربية عرفت باسم الكاشيين الذين حكموا بلاد بابل حتى منتصف القرن الثاني عشر قبل الميلاد. ونتيجة للضعف الذي عانته بابل في أواخر العصر الكاشي استطاع العيلاميون عام 1160ق.م احتلالها ونهب كنوزها. وبعد ذلك بمدة قصيرة (1137ق.م) قامت سلالة حاكمة في مدينة إيسن Isin (سلالة إيسن الثانية) استطاعت أن تقود المقاومة في وجه العيلاميين وتحرر بلاد بابل كلها من احتلالهم. واشتهر من هذه السلالة نبوخذ نصر الأول (1124-1103ق.م) الذي قام بحملتين ناجحتين على عيلام، لكن خلفاءه من بعده لم يستطيعوا الحفاظ طويلاً على قوة بابل فخضعت في العهود اللاحقة لسيادة ملوك آشور، وتعرضت عام 689ق.م للتخريب والتدمير على يد سنحريب نتيجة ثورتها عليه. غير أن ابنه وخليفته أسر حدون أعاد بناءها استرضاءً لأهلها ولكون أمه بابلية.

الدولة البابلية الحديثة (الفترة الكلدانية)

أقام الكلدانيون ـ وهم إحدى القبائل الآرامية ـ في جنوبي العراق منذ أواخر العصر الكاشي، وكوّنوا إمارات عدة، كانت أكبرها إمارة بيت داكورين وبيت ياقين، وبيت نافو، في المنطقة الواقعة إلى الشمال من الخليج العربي. وسيطرت قبائل آرامية أخرى على المنطقة الممتدة بين مدينة بابل وبورسيبا.

أسس الحكم البابلي الجديد حاكم كلداني يدعى نابوبولاصَر (626-605ق.م). وكان هذا حاكماً عيّنه الملك الآشوري على منطقة القطر البحري المتاخمة للخليج العربي، ثم ما لبث أن وسع منطقة نفوذه بعد موت آشور بانيبال باتجاه الشمال حتى وصل إلى مدينة نيبور. ولمَّا لمس ضعف آشور تجرأ على دخول مدينة بابل وإعلان نفسه ملكاً عليها.
بعد عشر سنوات هاجم الآشوريين عند نهر الزاب الأسفل ودحرهم، ثم حاصر مدينة آشور في العام 616ق.م وارتد عنها. ولكن ظهور الميديين (الفارسيين) ونمو قوتهم مكّنه وإياهم من القضاء على الآشوريين وإسقاط عاصمتهم نينوى في العام 612ق.م.

كان الملك البابلي نبوخذ نصّر الثاني "Nebuchadnezzar II" من الملوك القلائل الذين جمعوا بين الكفاءة الإدارية والبراعة في قيادة الجيش. كما كان يتمتع بحس فني ومعماري رفيع. ويشهد على ذلك إعادته مدينة بابل إلى مكانتها الرائدة في العالم القديم التي كانت قد وصلت إليها في عهد سلفه حمورابي. فأمست أشهر مدن العالم القديم نتيجة إنجازاته وما خلف فيها من المعالم الحضارية، ما خلد اسمها.

حكم نبوخذ نصّر الثاني نحو 43 عاماً، وهي مدة تعادل قرابة نصف حكم الأسرة الكلدانية، نبوخذ نصّر الثاني (605-562ق.م) الذي أنشأ كثيراً من الأبنية في بابل مثل برج بابل (زقورة الإله مردوخ) وشارع المواكب وبوابة عشتار وحدائق بابل المعلقة وبعض القصور والمعابد. ولكن مع عظمة بابل وازدهارها فإن قوتها أخذت تتراجع في عهد خلفاء نبوخذ نصّر الثاني إلى أن سقطت في عهد نابونيد Nabunid آخر ملوكها (555-539ق.م) بيد قورش الثاني ملك الفرس الذي حافظ عليها من التخريب والنهب وأمَّن سكانها على حياتهم مكافأة لهم على عدم مقاومتهم له وعلى فتحهم أبواب مدينتهم لجيوشه. وكان مرد ذلك كرههم ملكهم الذي حاول إحلال عبادة إله القمر سين محل عبادة الإله مردوخ معبودهم الرئيس. وصارت بابل مركز الولاية التاسعة وإحدى العواصم الثلاث للامبراطورية الفارسية.

السقوط

وفي عام 331ق.م احتل الاسكندر المقدوني بابل، فحياه سكانها بوصفه محرراً لهم من الفرس واعترفوا بحكمه. وفي محاولة منه لكسب ودهم قدَّم الأضاحي لمردوخ وأمر بإعادة بناء المعابد التي هدمها إحشويرش ووضع المخطط لإعادة بناء الزقورة وإقامة ميناء على الفرات لربط المدينة بالخليج العربي. وإدراكاً منه لأهمية بابل التاريخية والحضارية أراد أن يجعلها عاصمة لامبراطوريته العالمية، لكن المنية وافته قبل تحقيق خططه إذ توفي فيها عام 323ق.م.

فقدت بابل في المراحل اللاحقة أهميتها بعد تأسيس سلوقس الأول عام 300ق.م مدينة سلوقية (نحو 90كم شمال بابل على نهر دجلة) واتخاذها عاصمة له، فانتقل قسم من سكان بابل إليها وتحولت الطرق التجارية إلى المدينة الجديدة، ولم يأت القرن الأول الميلادي حتى تحولت بابل إلى مدينة مهجورة.

آثار بابل

يحتوي الموقع الحالي لمدينة بابل على عدد من الآثار البارزة، حيث اكتشفتها حملات التنقيب التي بدأت مع الباحث البريطانيّ كلوديوس جيمس ريتش بين عامَي (1811م-1817م)، وعالم الآثار البريطانيّ أوستن هنري لايارد (1850م)، والمستشرق الفرنسيّ فولجانس فريسنيل، والأخصائي الآشوري الألمانيّ جول أوبرت بين عامَي (1852م-1854م) وغيرهم، وقد بدأت عمليات التنقيب تحت إشراف العالم الألمانيّ روبرت كولدواي للجمعية الشرقية الألمانية في عام 1899م، واستمرّت هذه الحملات دون انقطاع حتى عام 1917م. ونتيجة هذه الحملات عُثِرَ على العديد من الآثار القديمة، منها بقايا قصر الملك نبوخذصر في الزاوية الشمالية لمدينة بابل، وقصر، وبوابة عشتار، ومعبد إماخ، ومعبد إيزاجيلا، ومنطقة سكنية شرق معبد إيساكيلا، إلى جانب النقوش المسمارية، والتماثيل، والسطوح، والفخار، والمجوهرات، وغيرها من الآثار.
 


 

   
   
 
 
 لا يوجد تعليقات    
 
 
الاسم
البريد الالكتروني
التعليق
500حرف