مرحباً بك في مجلة العلوم والتكنولوجيا
نقدم لك رحلة فريدة إلى عالم الاكتشافات العلمية والابتكار التكنولوجي

نحن ملتزمون بتقديم محتوى جذاب ومثير يستكشف أحدث اكتشافات العلوم وتطورات التكنولوجيا. من خلال مقالاتنا، نهدف إلى تحفيز شغف التعلم وتوفير منصة لتبادل المعرفة. انضم إلينا في مهمتنا لفك رموز العلوم، واكتشاف عجائب التكنولوجيا، والمساهمة في مستقبل لا حدود له للابتكار.

heroImg



دراسة علمية: عقاقير الهلوسة تجعل العقل نقياً وتصل به إلى الكمال!
2016-04-18

ترجمة

في دراسة جديدة، وُصفت بأنها رائدة، وأيضاً مثيرة للجدل؛ أعلن علماء أن أشهر عقاقير الهلوسة، المعروفة باسم «ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك lysergic acid diethylamide»، والمعروفة اختصاراً باسم «أسيد»، تصل بالعقل إلى الكمال، وتجعله أكثر نقاءً !

ويقول الباحثون «إن هذا العقار، يدمر الأجزاء في الدماغ، التي تفصل، في العادة، بين مناطق الدماغ المنفصلة وظيفياً، مثل مركز الرؤية ومركز الحركة، وبالتالي فإنه يخلق دماغاً أكثر تكاملاً وتوحيداً». ووجد الباحثون أيضاً، أن الأشخاص الذين يتناولون عقاقير الهلوسة، يتمكنون من الرؤية بواسطة أجزاء أخرى في الدماغ، وليس من خلال القشرة البصرية فقط، والتي تكون نشطة في حالة الرؤية الطبيعية.

 

مشاعر الإيمان لدى متعاطي عقاقير الهلوسة

العلماء يقولون «إن هذه النتائج التي توصلوا إليها، ربما تفسر مشاعر الإيمان، التي يسجل متعاطو هذه العقاقير حدوثها لهم، بعد تناول المهلوسات. وإذا ما كان هذا الأمر صحيحاً، فإنه سيجيب على بعض الأسئلة العميقة المتعلقة بثقافة تناول هذه الأنواع من المخدرات، بخاصة وأن العلماء لاحظوا أن شعور متعاطي هذه المهلوسات بالراحة النفسية، تدوم لفترة طويلة، حتى بعد اختفاء آثار المخدر من الجسم».

«روبن كارهارتهاريس»، وهو قائد فريق البحث، وأول عالم يختبر عقار الهلوسة «أسيد» على البشر، منذ 40 عاماً، يشرح طبيعة النتائج التي توصلوا إليها، قائلاً لصحيفة الإندبندنت البريطانية «في العادة، فإن الدماغ يتكون من شبكات مستقلة، كل منها تقوم بأداء وظيفة مستقلة متخصصة معينة، مثل الرؤية والسمع والحركة»، مع عقار الهلوسة، تنهار حالة الجدران الفاصلة، ويُصبح الدماغ أكثر تكاملاً و«اتحاداً» من ذي قبل.

وترجح نتائج البحث، أن هذا التأثير يكمن وراء الحالة العميقة المتغيرة، للوعي، التي يصفها متعاطو هذا العقار. ويرتبط هذا التأثير أيضاً بما يطلق عليه الناس اسم «انحلال الأنا»، والتي تشير إلى أن الإحساس الطبيعي بالنفس، يتكسر ويستبدل به شعور يتعلق بإعادة الاتصال مع النفس ومع الآخرين، ومع العالم الطبيعي حولهم.

ويمكن أن تُؤطر تجربة تناول عقارات الهلوسة، بإطار روحاني أو ديني، كما يبدو أنها تترافق مع تحسينات في الإحساس بالسعادة، حتى بعد أن تزول آثار الدواء من الجسم. وقد ذكر الباحثون في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم، حيث تم نشر الدراسة، أنه عبر تحطيم القيود التي تبقي أجزاء الدماغ منفصلة ومستقلة عن بعضها كما العادة، فإن عقاقير الهلوسة تعيد متعاطيها إلى حالة أشبه بمرحلة الطفولة.

 

الدماغ يزداد انفصالاً أم تكاملاً ؟
عقولنا تصبح أكثر تقييداً وانغلاقاً خلال تتطورنا، من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ. مع بلوغ الإنسان فإن دماغه من الممكن أن تكون أكثر تركيزاً وأكثر جموداً في نفس الوقت. ويذكر هذا البحث المثير للجدل، أنه بعدة أشكال مختلفة، فإن العقاقير المهلوسة تعيد أدمغتنا إلى نفس الهيئة التي كانت عليها في مرحلة الطفولة، حرة وغير مقيدة. هذا الأمر يبدو منطقياً عندما نأخذ في الاعتبار الطبيعة شديدة العاطفية والخيالية لدماغ الأطفال الصغار.

هذه الآثار يمكن أن تصل لمرحلة متقدمة أكثر؛ إذا ما استخدمت الموسيقى، وهي نتيجة جديدة توصلت إليها هذه الدراسة؛ فالاستماع إلى الموسيقى، تحت تأثير هذا العقار المُهلوس، قد يُؤدي إلى استقبال القشرة البصرية في الدماغ، معلوماتٍ من مناطق أخرى من الدماغ، والتي تكون مسئولة عن التعامل مع الصور العقلية والذاكرة. هذا الأمر هو السبب وراء ذكر الكثير من المتعاطين لهذه العقاقير بأنهم يرون رُؤى مُركّبة، يتعلق بعضها بفترات سابقة من حياتهم.

وقال الباحثون، إن هذه الاكتشافات تساعد في الإجابة على تساؤلات استمرت طوال عقود ماضية طويلة، حول الكيفية التي يعمل بها عقار أسيد بالضبط، وما الذي يسببه تحديداً للدماغ. وقد ذكر أحد المشاركين في البحث، وهو «دافيد نات»، أستاذ علم «فارماكولوجيا» الأعصاب والنفسية بكلية «إمبريال»، ومستشار الحكومة السابق للمخدرات، أن العلماء قد انتظروا هذه اللحظة منذ 50 عاماً ماضية، كيف نكتشف أثر عقار الهلوسة على أدمغة البشر؟

وأضاف أنه، للمرة الأولى، أصبح بالإمكان رؤية ما يحدث حقاً في المخ أثناء عمل المُخدر، وأنّه أخيراً فُهمَ لماذا كان عقار أسيد، له هذا الأثر العميق على الوعي الذاتي للمتعاطين، ولماذا، وكيف، كان له هذا الأثر في الرسم والموسيقى، إذ ثمة عدد من الموسيقيين والرسامين، اعتادوا تعاطي الأسد؛ لإنتاج أعمالٍ أكثر تميزاً.

ومن المتوقع أن يكون لهذا البحث، آثاره المفيدة جداً، على الطب النفسي؛ إذ بالإمكان استخدام العقار في علاج بعض حالات الاكتئاب. وبإمكان هذا الاكتشاف أيضاً أن يُثبت وجهة نظر «نات»، والتي عبّر عنها صراحةً في 2009، ما أدى إلى إقالته من منصبه مستشاراً للحكومة الأمريكية، إذ قال نات آنذاك، إنه يعتقد أن عقار الهلوسة، له تأثير أقل ضرراً من المواد الكحولية، وحتى من التبغ!

الاكتشافات الجديدة، التي اشتملت عليها الدراسة، تشير إلى إمكانية استخدام مثل هذه العقارات في العلاج والوصول إلى أشكال جديدة من المعرفة المتعلقة بالتعامل مع بعض الأمراض؛ لم له من آثار فريدة على العقل البشري. وبعد الكثير من عمليات التطوير، يمكن الوصل بهذه العقارات إلى أشكال جديدة، تستخدم لعلاج الاضطرابات النفسية، وتتيح الفرصة للباحثين لعلاج أمراض مختلفة، مثل الإدمان والاكتئاب، وهي الأمراض التي تميل إلى الحدوث نتيجة أنماط التفكير الجامدة التي يصل لها العقل البشري.

 

«الأسيد» أقوى عقاقير الهلوسة
هو عقار ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك، وهو مركب شبه قلوي، وأحد أقوى عقاقير الهلوسة، التي تؤثر على العقل بكميات صغيرة، تكفي لإحداث ما كان يُوصف بالاضطرابات في الرؤية، والمزاج وطريقة التفكير. ويستخدم هذا العقار كمخدرات «روحية»، تتسبب في تغير إحساسك بالوقت، وتمنحك «هلاوس بصرية»، سواء كانت عينيك مفتوحة أو مغلقة، لكن آثاره الجانبية الأخرى قد تكون سيئة جداً، مثل: ردود الفعل النفسية السلبية، كالقلق، وجنون العظمة، والأوهام.

صُنع العقار لأول مرة عام 1938، على يدي «ألبرت هوفمان»، من مادة «الإرغوت أمين»، الموجودة في الطبيعة. ويتميز هذا العقار بأن فعاليته تستمر لسنوات طويلة إذا تم تخزينه بعيدًا عن الضوء والرطوبة ودرجة الحرارة المرتفعة أو المتوسطة. في المعتاد فإنه عبارة عن مادة صلبة عديمة اللون والرائحة والطعم، ويتم تناوله عبر البلع أو الامتصاص، من منطقة تحت اللسان. يمكن أيضًا تناوله عبر الحَقن العضلي أو الوريدي، بعد إذابته جيدًا، وعلى عكس المعتاد فإن استخدامه بالحقن لا يعطي تأثيرًا فوريًا، بل يستغرق حوالي 30 دقيقة حتى يعمل.

هوفمان اكتشف خصائص هذا العقار عام 1943، وعرضه للتوزيع التجاري عام 1947، من قبل شركة «ساندوز» الشهيرة للتصنيع الدوائي، تحت اسم «Delysid»، كدواء يستخدم في علاج الاضطرابات النفسية المختلفة. وقد اعتقد رجال المخابرات المركزية، أن العقار يمكن استخدامه في عمليات السيطرة على العقول، وفي الحرب الكيماوية، وذلك في فترة الخمسينات من القرن الماضي.

 

المصدر : ساسة بوست

   
   
 
الوسوم: هلوسة - مخدر
 
 لا يوجد تعليقات    
 
 
الاسم
البريد الالكتروني
التعليق
500حرف