مع تسارع التغير المناخي وتوالي التحذيرات الدولية، يؤكد علماء المناخ اليوم أن البشرية تقف على حافة الهاوية. إذ تشير أحدث التقديرات العلمية إلى أننا قد لا نملك أكثر من ثلاث سنوات قبل أن نستنفد "رصيد الكربون" العالمية التي تتيح لنا فرصة – حتى وإن كانت بنسبة 50% فقط – لتفادي تجاوز ارتفاع حرارة الأرض لـ1.5 درجة مئوية، مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ما هو رصيد الكربون؟
رصيد الكربون هو الحد الأقصى من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يمكن للبشرية إطلاقها دون أن تتجاوز العتبة الحرارية الحرجة. هذا الرصيد تُحسب بدقة استناداً إلى نماذج مناخية، وتأخذ بعين الاعتبار الانبعاثات السابقة، والانبعاثات المستقبلية المتوقعة، وتأثير غازات الدفيئة الأخرى مثل الميثان وأكسيد النيتروز.
الوقت ينفد بسرعة
وفقاً لتحديثات صدرت في أكتوبر 2023، فإن العالم يستهلك ميزانيته الكربونية بوتيرة يومية مقلقة. وإذا استمرت الانبعاثات بالمعدلات الحالية، فإن المتبقي من الرصيد سينفد بحلول عام 2026. ويعني ذلك أن أمامنا فترة قصيرة جداً لاتخاذ إجراءات حاسمة، تبدأ بخفض حاد في الانبعاثات وصولاً إلى الحياد الكربوني الكامل بحلول منتصف العقد المقبل.
لماذا تختلف التقديرات؟
تعتمد الفروق بين تقديرات العلماء على مجموعة من العوامل، أبرزها:
-
مستوى الثقة المطلوب (50% أو 66% مثلاً).
-
طريقة احتساب تأثير الغازات الأخرى.
-
الفرضيات حول سلوك المناخ على المدى الطويل.
ورغم هذه التباينات، يتفق الجميع على أن النافذة الزمنية للإنقاذ تضيق بسرعة، وأن التأخير يعني المجازفة بمستقبل الكوكب.
الرسالة واضحة: لا مجال للمماطلة
لقد أصبحت السياسات المناخية الطموحة مسألة حياة أو موت، لا مجرد خيار سياسي. كل يوم تأخير في تقليص الانبعاثات يقرّبنا من نقطة اللاعودة. والعالم مطالب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بالتحول العاجل نحو مصادر الطاقة المتجددة، وإعادة هيكلة الأنظمة الصناعية، وتبنّي أنماط حياة أقل كربوناً وأكثر استدامة.
ختاماً:
لم يعد الحديث عن تغيّر المناخ شأناً مستقبلياً. إننا نعيش آثاره اليوم، وسنواجه تداعياته الأعنف إن لم نتحرك فوراً. فهل ننتظر الكارثة، أم نختار التحرك الحاسم الآن؟ الثلاث سنوات القادمة هي آخر فرصة حقيقية لتغيير المسار.